بقلم : عائشة مزاحم
لا نستطيع أن ننكر أبداً أن ما نشاهده على التلفاز و نقرأه على شبكة الانترنت لا يسكن في عقلنا الباطن بطريقة أو بأخرى !
أصبحت حياتنا تعبر من عدسات الكاميرات و شبكات التواصل، بل و أصبح لكل منا منصة خاصة به، ينشر يومياته و يشاركها مع المتابعين، حتى أننا اعتدنا على رؤية الناس في الشوارع وهم يحادثون العدسات الأمامية لهواتفهم المحمولة، و أحيانا أتساءل في نفسي : ترى ما ردة فعل الإنسان الذي عاش في العصور القديمة، لو رآنا في الشوارع نكلم قطعة حديدية في أيدينا !
لقد ساهم الإعلام بطريقة أو بأخرى في صناعة الفكر خلال السنوات الأخيرة، بل و أصبح سلطة عليا في أي دولة، و مقياس حريتها و ديموقراطيتها، فكل دولة تراقب الإعلام و تقيده، هي دولة فاقدة للمصداقية و حرية الرأي و التعبير.
برغم الإيجابيات العديدة التي يحملها الإعلام للبشرية، إلا أنه ساهم بشكل سلبي في طرحه لبعض القضايا، فقد ترى العديد من الأفلام و البرامج التي تحمل معاني خفية، تزرعها و ترسخها في أذهان المشاهدين بدون وعيٍ منهم، حتى الإعلانات التي لا يتجاوز مدتها الدقائق القليلة، تترك بصمتها في العقول و تتحكم في إقبالك على منتج دون الآخر، حتى ولو بدت مزعجة في كثير من الأحيان.
تشكل الفكر العنصري منذ بداية خلق الانسان ، فالفكر العنصري ليس فكر جديد أو مستحدث من الإعلام، لكن عندما جاء الإعلام ، نجح و بشكل كبير في دس بعض الأفكار العنصرية بطريقة خفية، فمثلاً أميركا ( الدولة المسيطرة على العالم ) ادركت أهمية الاعلام في صناعة الفكر عند الشعب _ الحقيقة التي لم نصل لها نحن المسلمون حتى الآن_ فصورت الإسلام على أنه دين الإرهاب و القتل و سفك الدماء لتبرير ما تقوم به من حروب على الأراضي الإسلامية، فقد ترى أمريكيين يكرهون الإسلام كرهاً أعمى بالرغم أنهم لم يلتقوا شخصاً مسلماً طوال حياتهم، لكنهم استمدوا هذا الكره من الصورة التي أوصلها اليهم الاعلام عن الإسلام. ( العنصرية الدينية)
صادفت في إحدى المرات في أحد الأماكن العامة في ألمانيا، سيدة ألمانية تبادلنا معاً الحديث، فسألتني : ( ألا تشتاقين إلى رؤية شعرك ! ) ، لوهلة أربكني السؤال، فأدركت كم نحن مقصرون في رسم صورة صحيحة في أذهان الغرب عن حجابنا، فأوضحت لها الصورة بكل تفاصيلها و صححت لها فكرتها عن حجابي فقالت : ( لقد أخبرونا أنكن أنتن المحجبات ترتدين الحجاب طوال الوقت حتى في المنزل و أثناء النوم ! ) طبعاً " أخبرونا" هذه توجهنا إلى الإعلام في الغرب الذي رسم الصورة التي يريدها عنا.
"ازرع العنصرية، تحصد الحرب " هذا بالضبط ما يجنيه العالم المسيطر من دس الفكر العنصري في إعلامه، فكلما تفرقت البشرية و تعالى الحقد بين القلوب كلما سهل على المستعمر مهمته في الاستعمار، فكان الإعلام اليد الخفية في توطيد الفكر العنصري و توجيهه بالشكل الذي يريد.
" كلما كان الوضع النفسي للجماهير مضطرباً وغير مستقر، كلما ازداد تأثير الدعاية، وعجز رجل الشارع العادي عن التمييز بين الحقيقة والشائعة. - هارولد لاسويل "
وكشف استطلاع للرأي - أجراه مركز (موري) المتخصص في استطلاعات الرأي في دول أوروبا الغربية - أن 1 من كل 5 أوروبيين يعتبرون وجود الأجانب وأبناء الأعراق الأخرى وقضايا الهجرة واللجوء السياسي من أهم الانشغالات التي تشد اهتمامهم و تسبب لهم الذعر. فصور الإعلام اللاجئين من مختلف الجنسيات على أنهم أناس مثيري للمشاكل و هم أحد الأسباب الرئيسية في ازدياد معدل الجريمة، فوضع الإعلام حاجز من الخوف و الذعر بين سكان الأرض الأصليين و اللاجئين الأجانب، مما أدى لظهور الكره و العنصرية بكل أشكالها، و صعوبة مهمة الاندماج مع هذه الشعوب. بالرغم من الجانب المشرق و الإيجابي الذي حملته كل من تطور البشرية و ثورة المعلوماتية، إلا أن البشر استهلكوا هذه الطاقات في الشر و تحريض المجتمع. حتى نحن المسلمون في نفس كل واحد منا نزعة لعرقة أو لقبليته أو لونه، على الرغم من توحيد الإسلام للبشرية و معرفتنا بالقاعدة القرآنية التي تقر بأن البشر سواسية و لا فرق بينهم الا بالتقوى عند الله. لكن الإعلام نال منّا و وجهنا الى المسار الذي يريده، فلم نعد ننظر الى بعضنا بنظرة الا يشوبها التطرف او الحقد. و كما قال "نيلسون مانديلا " : لا يوجد إنسان ولد يكره إنسانا آخر بسبب لون بشرته أو أصله أو دينه .. الناس تعلمت الكراهية وإذا كان بالإمكان تعليمهم الكراهية إذاً بإمكاننا تعليمهم الحب .. خاصة أن الحب أقرب لقلب الإنسان من الكراهية.
لكن السؤال هنا، هل فعلاً من يسيطرون على الإعلام العالمي يريدون ترويج الحب بين الشعوب ؟! أم أنها تجارة خاسرة بالنسبة لهم و لمصالحهم ؟!
انتجت شركة " والت ديزني" في الأعوام الماضية، فيلم الكرتون " الأسد الملك "
"The Lion King"
و قد صورت الملك الأب " موفاسا" و ابنه الشبل " سيمبا" على انهما مثال في النبل و القوة و حب الخير، أعطت كل منهما جمال البشرة الفاتحة و الشعر الأشقر.
في المقابل صورت الجهة الشريرة في الفيلم بمجموعة من الضباع الذين يتكلمون بلهجة الزنوج الأمريكان و يملكون بشرة قاتمة اللون، كما أن زعيمهم هو أسد لديه ندبة و لونه أسود و كان يحاول قتل أخيه الأسد الملك.
هل يعقل أن يكون كل ما رأيناه في الفيلم الكرتوني و توزيع الألوان و الشخصيات هو محض صدفة !؟
تستطيعون قراءة المقالة على موقع مجلة المرأة العربية :
https://www.ar-frauen.com/%d8%a7%d9%84%d8%a5%d8%b9%d9%84%d8%a7%d9%85-%d9%8a%d8%b1%d8%aa%d8%af%d9%8a-%d8%b2%d9%8a-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d9%86%d8%b5%d8%b1%d9%8a%d8%a9/
لمتابعة حسابي على الانستغرام :
https://instagram.com/aichamzahim96?igshid=kde41nhk5v84
تعليقات
إرسال تعليق